بين المضاربة (speculation) والقمار (1)

كتب د. عدنان عويضة :
نرتكب خطأ فادحا عندما نخلط بين مفهوم المضاربة برسمها الفقهي الغني عن التعريف وبين المضاربة في البورصة. لكن استخدام ذات التعبير في عمليات البيع المعكوس في البورصة أحدث إشكالا عند غير المتخصصين الذين بدورهم راحوا يبحثون عن شروط عقد المضاربة في الفقه الإسلامي ليحاكموا عملية لا تمت بنوع صلة للمضاربة برسمها الفهي المعروف .
لذلك كان لزاما على المتخصصين أن يبينوا ؛ فالمضاربة في البورصة تعني عملية تخمين أو مراهنة على ارتفاع أو على اتخفاض ورقة مالية معينة بهدف تحقيق ربح سريع من تذبذبات الأسعار المصطنعة ، ومن أجل إذكاء حمى تذبذب الأسعار في البورصة تم حقن البورصة العالمية بأدوات كالرافعة المالية التي تصل إلى (1: 400 )، وعمليات البيع المعكوس؛ والذي يعني أن يبيع المضارب ثم يشتري لينجز العقد، أو أن يبدأ مشتريا ثم بائعا؛ فلا ينجز العقد الواحد إلا بعد القيام بعمليتين متتاليتين وكلما تأخرت الخطوة الثانية عن الأولى كلما واجه المضارب تكاليف (رسوم التبييت) . بينما في البيع المشروع ينجز العقد بخطوة واحدة وينتقل الثمن للبائع والمثمن للمشتري . هذه المفارقة المهمة بين البيع المعكوس (المضاربة في البورصة) وبين البيع المشروع في غاية الأهمية، خصوصا إذا تبصرنا ما يجري عن كثب (دراية فنية) لعمليات المضاربة في البورصة؛ حيث يختار المضارب في البورصة أن يبدأ بائعا أو أن يبدأ مشتريا بغض النظر عن محل العقد سواء أكان يملكه المضارب أو لا يملكه؛ فله أن يضارب على كوبونات التفط وأن يبدأ بائعا رغم أنّه لا يمتلك في حسابه كوبونات نفط فهذه ليست قضية!!! والتساؤل هنا كيف يبيع كوبونات نفط رغم أنّ حسابه بالدولار !! لكنّ آليات المضاربة متحررة من هذا الشرط الضروري . ولنكمل السناريو على فرض أنه بدأ بائعا أو مشتريا ولنفترض الآن للتوضيح أنّه (باع \ اشترى) 10000 يورو وحسابه بالدولار فإنّ العملية لم تنجز بعد ، حيث لا يضاف في حسابه العملة المشتراه فالعملية لم تنجز بعد رغم خصم تكاليف الصفقة من حسابه بما فيها من رسوم وعمولات المصرف والبروكر ورسوم أو فوائد التبييت ، وتبقى العملية معلقة حتى يقوم بعملية معاكسة للعملية الأولى (اشترى\ باع) عندها تتم عملية التسوية ، حيث تنتهي العملية برابح أو خاسر .
ولتوضيح ما تقدم سيتبع هذه العجالة مقارنة بين المضاربة والقمار من حيث المعايير الضابطة والمميزة