بين المضاربة في البورصة والقمار (2)

كتب د. عدنان عويضة :
بين المضاربة في البورصة والقمار :

--------------------------------------------------------------------------------

إنّ فهم المضاربة في البورصة من ناحية فنية يقرب المسافة للمقاربة بينها وبين القمار ؛ ويخطئ من يظن أنّ المضاربة في البورصة ضرب من ضروب المتاجرات أو الاستثمار؛ لقد ميز الاقتصاديون بين المستثمر في الأوراق المالية وبين المضارب، كذلك "اللورد منرد كنز " عندما درس الطلب على النقود ميز بين الطلب على النقود لغايات الاستثمار، وبين الطلب على النقود لغايات المضاربة .

وسوف أدع التمييز من ناحية فنية بين المستثمر وبين المضارب إلى مقالة لاحقة .

المضاربة في البورصة تتخذ شكل البيع المعكوس؛ أي لا ينجز العقد الواحد إلا بالعودة إلى الخطوة المعاكسة، فإذا اشترى يبقى العقد مفتوحا ومعلقا لم ينجز إلى أن يبيع وعندها ينجز البيع في العقد الواحد .

ولا أرى له أي صورة في العقود المشروعة، لكن الصورة الوحيدة هي بيع العينة المحرم شرعا .

وعند التأمل لإجراءات العقد في سوق العملات الأجنبية "فوركس" نجد أنّ المضاربة في هذا السوق هي العصب الذي تقوم علية اللعبة تماما كما الفائدة في النظام المصرفي التقليدي .

لكنّ التمويل بالتضخم في سوق فوركس يأخذ منحى دراماتيكي متحرر من كل القيود حيث يصل إلى (1:400) وهذه حالة خيالية يعجز الفكر الاقتصادي عن إجاد كلمات الاستهجان المناسبة لتقدير حجم الكارثة التي ستعصف بالاقتصاد إزاءها !!

لقد جئتم شيئا إدّا.... ، حتى النظام التقليدي يمتلك أدوات لضبط التمويل التضخمي ويفرض على البنوك احتياطي إلزامي؛ ليقلل من قدرتها على الائتمان .

أمّا في البورصة فقد أطلق العنان ... وذلك من أجل تعظيم الخسائر أو الأرباح ، وعندها تصبح اللعبة مثيرة ومرعبة !!!

في كتاب فوركس للمبتدئين حقائق مقررة تفيد بأنّ طبيعة اللعبة لا تتيح لأكثر من 10% للوصول إلى قمة الهرم أي الرابحون ، و 90% هم قاعدة الهرم أي الخاسرون .

وإنّ الغالبية من الرابحين لا يحملون مؤهلات علمية أكثر من الثانوية العامة !!! وهنا تساؤل : هل عجز المحللون الماليون عن منافسة الهواة ! في الحقيقة إنّها لعبة zero sum game فالغالبية تحصل على zero والقلة يحصلوا على المجموع .

من هنا نجد القاسم المشترك بين المضاربة في البورصة وبين القمار : كلاهما لعبةzero sum game تعتمد عل الحظ المجرد الذي لا يستند إلى جهد مشروع ، وهذا هو المعيار الأول والقاسم المشترك بين لعبة القمار ولعبة المضاربة .

في المقالة التالية استكمال لباقي المعايير المميزة والضابطة للقمار . وصدق الله تعالى : "إنّما يريد الشيطان ليوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر" وهو المعيار الضابط والمميز للقمار إذ تنتهي اللعبة براض فرح وساخط يائس . يتبع