كتب د. عدنان عويضة :
بين المضاربة في البورصة والقمار (3)
--------------------------------------------------------------------------------
تحدثت في المقالة السابقة وتحت ذات العنوان عن المعايير الضابطة والمميزة للقمار ، وقد ذكرت معيارين مميزين هما :
1- الحظ المجرد الغير مستند إلى عمل معتبر شرعا؛ وقد أقر خبراء فوركس بأنها سوق غير منضبطة ولا تحكمها علاقات دالية ثابتة بين المتغيرات الاقتصادية، فالرابحون فيها هم من الهواة والمغامرين المحظوظين . وتفيد المقررات الشرعية بأنّ مجرد الحظ لا يعد من الأسس الحقوقية المعتبرة في الكسب .
2- العداوة والبغضاء التي يولدها الميسر ؛ حيث تنتهي المقامرة ضرورة ب براض فرح، وساخط بائس؛ وذلك إقرارا بأنّ مجرد الحظ لا يعد مبررا مقبولا لاستحقاق الكسب، لذلك تثور العداوة والبغضاء . بينما في التجارة المشروعة تعد الرضائية الشرط الضروري ؛ حيث ينتهي التبادل برضا الطرفين .
وأضيف في هذه المقالة معايير ثلاثة أخرى :
3- احتمال واحد تسفر عنه المقامرة ضرورة ؛ وهو (رابح - خاسر) ؛ لأنها لعبة zero sum game . بينما في التجارة والاستثمار عموما تسفر المبادلة عن احتمالات ثلاث هي :
أ- (رابح - رابح) ومن ناحية فنية يحدث ذلك عندما يكون السعر< من المنفعة الحدية للمستهلك، وفي نفس الوقت السعر > من الكلفة الحدية للمنتج .
ب- (خاسر - خاسر) ومن ناحية فنية يحدث ذلك عندما يكون السعر> المنفعة الحدية للمستهلك، وفي نفس الوقت السعر< الكلفةالحدية للمنتج .
ج- (رابح- خاسر) عندما يكون السعر < من المنفعة الحدية للمستهلك بينما السعر< الكلفة الحدية للمنتج ؛ حيث يربح المستهلك ويخسر المنتج. أو العكس يخسر المستهلك ويربح المنتج ؛ ومن ناحية فنية يحدث ذلك عندما يكون السعر > من المنفعة الحدية للمستهلك ، بينما السعر> من الكلفة الحدية للمنتج .
4- لا محل مقصود للتبادل؛ فالرهان والمقامرة تستخدم فيهما أدوات ليست محلا مقصودا للتبادل ؛ فالحصان المراهن عليه، وأحجار الشطرنج والروليت وورقة اليانصيب ليست محلا مقصودا للتبادل ، إنما هي أدوات الرهان والمقامرة ولن يحوزها أحد المتقامرين . بينما في التجارة عموما لا بد من وجود محل للعقد معتبر شرعا تسفر العملية عن انتقاله بين الطرفين، حيث ينتقل الثمن إلى البائع والمثمن إلى المشتري .
5- القمار هو بيع وشراء الخطر؛ فالخطر المجرد هو محل التبادل. بينما الاستثمار هو بيع وشراء السلع والخدمات . والغرر في المقامرة كثير وهو محور العملية ومقصودها؛ حيث تنفصل المخاطرة عن الملك، وهي مقصودة بذاتها ودرجتها (100%) . بينما في التجارات عموما الغرر فيها يسير ومغتفر وليس هو محور التبادل، والمخاطرة في التجارة ليست مقصودة بذاتها فهي مخاطرة لا تنفك عن الملكية ولا تبلغ درجتها 100%.
عند محاكمة المضاربة في سوق العملات الأجنبية فوركس للمعايير الخمسة الآنفة سنجد مقاربة كبيرة بينها وبين القمار .