اللجنة التنفيذية لمعلمي وكالة الغوث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اللجنة التنفيذية لمعلمي وكالة الغوث

أهلا وسهلا بكم في منتديات اللجنة التنفيذذية لمعلمي وكالة الغوث الدولية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تجارة العملات بنظام الهامش: نظرة تقديرية إسلامية(3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
adnan a.m
2
2
avatar


ذكر عدد الرسائل : 11
نقاط : 0
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 20/11/2008

تجارة العملات بنظام الهامش: نظرة تقديرية إسلامية(3) Empty
مُساهمةموضوع: تجارة العملات بنظام الهامش: نظرة تقديرية إسلامية(3)   تجارة العملات بنظام الهامش: نظرة تقديرية إسلامية(3) Emptyالخميس نوفمبر 20, 2008 4:45 am

التقدير:

مما تقدم يتضح أن الحديث في هذه التجارة ليس عن صرف وأحكام صرف كما يتوهم البعض، وليس عن تجارة عملات فحسب، إنما عن تجارة عملات بنظام مخصوص هو نظام الهامش. ويمكن أن نعّرف هذه التجارة بأنها: عمليات صرف (مصارفة) تمول جزئياً بأموال المتاجر: المصارف (وأموال الذين أنابوه وأوكلوا إليه مهمة المتاجرة بأموالهم)، ويتمم تمويل هذه المصارفة بقرض مقدم حكما من شركة الوساطة أو البنك، على أن يكون المبيع محل العقد (العملة الأجنبية التي اشتراها المتاجر) رهنا وضماناً لمبلغ القرض، وعلى أن تتم المتاجرة من خلال مرافق شركة الوساطة وبظل قوامتها، وكل هذا النشاط، نشاط مضاربي بعيد عن دواعي الصرف الاعتيادية.

ولتقييم هذه المتاجرة هناك مدخلان:

الأول: تفكيك المنظومة العقدية لتجارة الهامش وتقدير كل عقد فيها على انفراد.

الثاني: تقدير أداء المنظومة العقدية لهذه التجارة على نحو إجمالي.

أما المدخل الأول فيظهر أن هذا النشاط تحكمه أشباه العقود التالية:

1- عقد مضاربة بين جمهور الممولين المسترسلين والمتاجر: المصارف، وبموجبه يكون هذا المتاجر مضارباً بالمعنى الفقهي، وعلى فرض صحة هذا التكييف وصحة عقد المضاربة هذا؛ فلا أعتقد أن ذلك يغني شيئا إذا كان أصل النشاط (الاتجّار بالعملات) مقدوحا في مشروعيته، وفرق كبير بين مشروعية عقد الصرف ومشروعية الاتجار بالعملات مطلقا، وفرق كبير بين مشروعية عقد الصرف ومشروعية الاتجار بالعملات بنظام الهامش من باب أولى.

2- عقد قرض بين الممول والمتاجر؛ فالمبلغ الرئيس الذي يتاجر به المضارب يجهز حقيقة أو حكما من قبل الممول؛ وهذا القرض ترد عليه الملاحظات التالية:

‌أ- إنه قرض ربوي إذْ لا يعقل أن شركة الوساطة أو المصرف التجاري يقدم تمويلاً بلا فائدة قطعاً، ولو ادعى البعض خلاف ذلك، إلا اللهم إذا كانت الشركات التي تدعيه شركات وهمية، أو كان القرض وهميا!!، فالربا مؤكد في هذا العقد للقرض الابتدائي أولا، ونظير التبييت (إرجاء السداد ليلة تالية) ثانيا.

‌ب- إنه قرض وشرط؛ فالمتاجر لا يمّلك مبلغ القرض، ولا يتاح له التصرف به كما يريد، إنما يتاح له التصرف وفق نسق مخصوص لا يملك المقترض تعديل هذا النسق أو تغييره، ومثل هذا القرض غريب عن الفقه مثلما هو غريب عن القانون، وقد ورد النهي عن بيع وشرط ولو كان في مباح، فكيف بمن يقترض بالربا ليلعب الميسر تحديدا!!.

‌ج- إنه قرض جر نفعاً لأن المتاجر ملزم بالمتاجرة عبر مؤسسات شركة الوساطة ومرافقها، ويكون ذلك مقابل أجر أو عمولة، فهو إذاً قرض وإجارة، وقد نهى الشرع عن بيع وسلف لمظنة الربا، والإجارة والسلف ليست بمنأى عن ذلك.

3- عقد رهن مريب وغريب؛ فالمتاجر يرهن أولاً الهامش المتاح، ثم هو يرهن المبيع محل العقد، وشركة الوساطة تتصرف في المالين حال الخسارة، وليس في الاثنين مقومات الرهن الصحيح، فلا الهامش المتاح رهن صحيح ومكافئ للقرض المزعوم، ولا المبيع المشترى بالقرض رهن صحيح لان المتاجر لم يملك المبيع بل هو لم يملك القرض الذي كان ثمنا له أصلا.

4- عقد إجارة بين المتاجر وشركة الوساطة بموجبه يمكن للمتاجر الاستفادة من مرافق الشركة وتسهيلاتها مقابل العمولات، ولو كانت هذه الخدمات في دائرة الإباحة باعثا ومآلا فلا غبار على هذه الإجارة لكن الأمر كما ترى ليس كذلك.

5- عقد صرف بين بائع العملة محل الاتجار والمتاجر الذي يشتريها أو العكس، وهو عقد لا يهدف إلى التقابض ولا يسعى إليه، إنما يسعى إلى تحصيل فروق الأسعار ليس إلا، فهو صرف لا يستهدف فيه القبض أصلا، ولا يتحقق فيه القبض في الغالب سواء كان القبض حكميا أو فعليا. ودائماً تكون هناك فسحة من وقت تفصل بين عمليات المصارفة وتسوياتها. وفي المعاملة أيضاً عقد صرف آخر بين المتاجر الذي يقدم عملة محلية والشركة التي تقلب هذا النقد إلى نقد المتاجرة لتحدث تجانساً بين الهامش وبين التمويل وبالعكس.

وهكذا نرى إن من التكلف حمل مكونات المنظومة العقدية لهذه التجارة على محامل العقود الإسلامية لما تقدم من ملاحظات جدية خاصة وأن أرباب هذه التجارة لم يدّعوا لعقودها المضامين التي نتطوع بعرضها، إن الخطورة تكمن في النظر الفقهي المجزوء إلى هذه العقود، وفي السعي إلى تصحيحها كل على انفراد، وكأن ذلك كفيل بتطهير هذه التجارة لتصبح منشطا مباحا، أو لتصبح على حد زعمهم Islamic Foreign Exchange.


أما المدخل الإجمالي في تقدير هذه التجارة فيكشف عن خطورة بالغة لآلياتها، ويرى أن الصحة المفترضة لآحاد العقود المكونة لها، أو دعوى إمكانية تصحيحها، لا تعني بالضرورة صحة المنظومة العقدية بإجمالها ولا سلامة أدائها، نظرا لآثارها الاقتصادية والاجتماعية المدمرة، ولعل من أبرزها:

1- التضخم الجامح الناجم عن خلق النقود؛ فـ (1 : 100) أو (1: 400) يمثل، مع انعدام فرص التسرب النقدي، أعلى مضاعف لخلق النقود عرفه الاجتماع الإنساني، من قبل مؤسسات خاصة تفتئت على صلاحيات جهات الإصدار الرسمية، وهي بفعلها هذا تنطوي على ضرر محقق يحيق بكل الناس جراء ارتفاع الأسعار مقابل مكسب مظنون لثلة من المشاركين في هذا النشاط على فرض مشروعيته ومشروعية آلياته، فكيف إن كان النشاط غير معتبر أصلا لا في النظر الشرعي ولا في النظر الاقتصادي.

2- تعبئة الأموال وترحيلها إلى السوق الدولية في وقت تمس الحاجة إليها في الداخل؛ فالحكومات في البلدان النامية فعلت ما يجوز وما لا يجوز لاستقدام الاستثمار الأجنبي واستقطابه بدعوى ردم فجوة رأس المال، في حين تعمل هذه الشركات على تعبئة كل الموارد وترحيلها إلى السوق الدولية وبكفاءة فاقت كفاءة البنوك التقليدية والإسلامية!!.

3- إعادة تخصيص الموارد (المالية والبشرية) لصالح المضاربات المالية على حساب القطاعات الحقيقية؛ فقد أجهز منطق الاستثمار عبر شاشات الشبكة العنكبوتية على أي فرصة للاستثمار الحقيقي، فماذا بقي من موارد توجه للاستثمار في الصناعة؟! وماذا بقي من موارد توجه للزراعة؟! وماذا بقي لقطاع الإسكان؟! وماذا بقي لإحياء الأرض الموات؟!.

4- تعميم ظاهرة الدولرة وتعميقها في بلدان العالم، في عملية إزاحة واضحة للعملات الوطنية لصالح الدولار حتى ضمن محيط الاقتصادات الوطنية، بما يرّحل كل أعباء الدولار ومشكلاته إلى الاقتصادات المحلية، وبما يسهم في تجذير التشوه القائم في نظام النقد العالمي.

5- تتسبب هذه التجارة في اختلاجات وتشنجات حادة في الأسواق المالية تترك آثارا مدمرة على القطاع الحقيقي في عموم الاقتصاد العالمي.

6- تسهم هذه التجارة في تنمية العقلية الطفيلية وترويج ثقافة الكسل، كما تسهم في تركز الثروة وإعادة توزيعها على أسس غير معتبرة شرعا وعرفا وقانونا.

7- التدليس والاحتيال المحتمل على قاعدة الممولين الأغرار مع غياب الاطر القانونية الواضحة؛ إذ يتذرع هؤلاء لهذه التجارة بحواريي الأسواق المالية، أعني ثلة "المضاربين" حسب التوصيف الدارج، وهؤلاء بدورهم ليسوا بمنأى من أفاعيل الكبار ومن يتعاملون معهم.



والخلاصة إن مثل هذا التنين، ولو اجتهد البعض في تصحيح عقوده سيظل في أدائه الإجمالي وفي تكوينه الكلي مسخاً عصياً لا تؤتمن بوائقه. إن منظومة عقدية ومؤسسية تثمر هذه النتائج ينبغي أن تحجز عن الحياة الاقتصادية بلا أدنى تردد؛ فأنشطة هذه التجارة لا تعدو أن تكون في حقيقتها عمليات مقامرة منظمة شعبية يشارك بها مضاربون ويشارك فيها أغرار مسترسلون، ولا ينبغي لأولياء الأمور أن يترددوا في الحجر عليهم بما لهم من ولاية شرعية تحقيقاً لقوله تعالى: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما".

إن أحكام المعاملات إجمالاً معلولة بالمصالح؛ فإذا كانت هذه التجارة لا تحقق المصالح المعتبرة في التجارة، بل ثبت أنها تحقق المفاسد والشرور المنوه بها آنفا فكيف نشرع بعملية تأهيل فوقية لأنشطتها من خلال ما يعرف بالتكييف الفقهي: " ليكن هذا صرفاً...، ليكن هذا رهناً، ليكن هذا وكالة..."، لنخلص بعد ذلك إلى أن هذه التجارة: الفاسدة في مبانيها المفسدة في مآلاتها، أصبحت تجارة صحيحة طيبة الكسب بمجرد إعادة توصيف ذاتية في ذهن باحث أو فقيه ؟!.

إن هذه التجارة شأنها شأن الكثير من الأدوات المالية الأخرى التي أتحفتنا بها الهندسة المالية المعاصرة، هي من تشقيقات ميسر الجاهلية ومشتقات رباها؛ فهي منظومة عقدية مبرمجة وظيفياً ترحّل مخاطرة المقامرة إلى قاعدة الممولين والمتاجرين وتخص شركات الوساطة وصانعي السوق بوافر مكاسبها.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تجارة العملات بنظام الهامش: نظرة تقديرية إسلامية(3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تجارة العملات بنظام الهامش: نظرة تقديرية إسلامية (1)
» تجارة العملات بنظام الهامش: نظرة تقديرية إسلامية (4)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اللجنة التنفيذية لمعلمي وكالة الغوث :: اللجنة التنفيذية لمعلمي وكالة الغوث الدولية :: الأخبار والمستجدات-
انتقل الى: