تجاهل مطالب موظفي «الأونروا» وشطب قضية اللاجئين
* ياسر الزعاترةمن
الواضح أن خيطا قويا يربط بين ذلك الاستخفاف الاستثنائي بمطالب موظفي
وكالة الغوث وبين تلك النوايا ، بل ربما الخطوات الرامية إلى شطب قضية
اللاجئين برمتها ، ليس في عملية التسوية فحسب ، بل في الواقع العملي حتى
لو لم تحل القضية بشكل كامل ، لا سيما أن منطق المسار السياسي الفلسطيني
الرسمي الحالي هو التعامل مع نزاع بين دولتين قائمتين ، حتى لو كانت
إحداهما غير مكتملة ، وليس مع معركة بين دولة محتلة وشعب واقع تحت
الاحتلال.عندما تتحدث القيادة الفلسطينية في واشنطن عن عدم واقعية عودة
اللاجئين ، بينما تنبذ المقاومة بالكامل ، وتمارس التعاون الأمني بحماس
منقطع النظير ، وتنحاز لترتيبات المال والأعمال والاستثمار ، وتتشكل
الوزارات ومعها طقوس الحكومات ، عندما يحدث ذلك ، فإن الوضع الطبيعي أن
يصار إلى ترتيب الأجواء لشطب قضية اللاجئين برمتها ، بصرف النظر عما إذا
كان هناك اتفاق نهائي سيوقع عما قريب أم لا ، مع أن مؤشرات كثيرة لا زالت
تتوفر بشأن إمكانية حدوث ذلك خلال السنوات القليلة المقبلة أكثر من أي وقت
مضى.نقول ذلك بين يدي قضية موظفي وكالة الغوث التي سبقت الإشارة إليها في
هذه الزاوية ، وبالطبع بعد أن تجاهلت إدارة الوكالة نداءات العاملين
ومطالبهم على نحو مثير للقهر ، وبالطبع عبر القول إن نتائج المسح الذي
أجري أكدت أن رواتب موظفي الوكالة أفضل من موظفي الحكومة ، وهي قصة سبق
الرد عليها مرارا هنا.والسؤال الذي يوجه مباشرة إلى إدارة الوكالة هو: هل
كانت من قبل في عمىً عن حقيقة أن رواتب موظفيها أعلى من موظفي الحكومة ،
لاسيما قطاع المعلمين؟.الإجابة هي كلا ، لكنها تعلم في المقابل أن طبيعة
العمل وميزاته تختلف إلى حد كبير ، وإذا كان موظف الوكالة يحصل على تعويض
جيد بعد نهاية خدمته ، فإن راتب الضمان الذي يحصل عليه موظف الحكومة يبدو
أفضل في كثير من الأحيان. ثم أية مقارنة بين التشدد مع موظف الوكالة على
مختلف الصعد ، وبين التساهل مع موظف الحكومة ، فضلا عن قائمة المزايا التي
يحصل عليها الثاني ولا يحصل عليها الأول ، ولا تسأل عن منطق الحقوق
المكتسبة التي لا يجوز التراجع عنها بهذه السهولة؟،.لن نكرر ما سبق أن
ذكرناه هنا ، كما لن نكرر تهافت مقولة الأزمة المالية وتراجع مداخيل
الوكالة ، تلك التي لا تفعل فعلها إلا مع صغار الموظفين ، فضلا عن حقيقة
أنها قضية تقررها الجهات العاملة على تصفية خدمات هذه المؤسسة كجزء من شطب
قضية اللاجئين ، ولو أرادت الولايات المتحدة وحلفاؤها غير ذلك ، لكان ما
أرادوا.في هذا السياق جاء قرار ممثلي قطاع موظفي الوكالة بتعليق مسلسل
الإضراب ، أو تأجيله إلى أيلول المقبل ، وهو قرار لا يعني الخضوع لتشدد
الإدارة ، بقدر ما يعني الحرص على الطلبة من أبناء اللاجئين الذين لا بد
أن يستكملوا متطلباتهم كما هو حال كلية وادي السير وجامعة ناعور وطلاب
العاشر ، وسواهم ممن يرتبطون بجداول ومواعيد معروفة.في العام القادم ستتضح
أكثر فأكثر معالم المؤامرة على قضية اللاجئين ، وسيكون لمطالب العاملين
ونضالهم صداه بين الأهالي ، وبين القوى السياسية هنا في الأردن ، وفي سائر
المناطق التي يتواجد فيها اللاجئون ، وستكون للتصعيد الجديد فرصة أكبر في
تحقيق أهدافه ، لا سيما حين يأتي معطوفا على تصعيد شعبي ونضالي ضد شطب
القضية ، وهو تصعيد سيتوجه لإدارة الوكالة ولكل المتآمرين على قضية
اللاجئين ، ومن بينهم المنخرطون في عملية التسوية القائمة.هي قضية واحدة ،
وإذا كان علينا توجيه الشكر للعاملين في الوكالة وممثليهم على تقديم مصلحة
الطلاب والمجتمع المحلي على مطالبهم في هذه المرحلة ، فإن علينا أن ندين
ذلك الاستخفاف الذي ووجهت به مطالبهم من قبل الإدارة ، في ذات الوقت الذي
ندعو إلى وقفة مختلفة من قبل القوى الحية في مواجهة سياسة الشطب التدريجي
لقضية اللاجئين ، والتي يبدو أن فصولها الأخيرة قد باتت على الأبواب.
التاريخ : 02-06-2009