منذ إنشاءها وارتباطها باللاجئين والاحتلال والمخيمات وهي تقوم بدور ظاهره إنساني إغاثي وهو في حقيقته دور سياسي مرسوم ومخطط له بعناية.
وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى والمعروفة اختصاراً بالأنروا هي إحدى وكالات الأمم المتحدة التي أنشئت بقرار خاص للفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم بالقوة أو خوفاً من المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في فلسطين وأثارت الرعب والخوف بين صفوفهم، فهاجروا إلى الأردن وسوريا ولبنان، على أمل أن يعودوا قريباً.
وهي الوكالة التي ليس لها موازنة ثابتة، وتعتمد على التبرعات الطوعية للدول المانحة وعلى رأسها أمريكا والدول الأوروبية والاسكندنافية وبقية دول من العالم، ولأن أكثر من 90% من الميزانية تأتي من أمريكا وأوروبا؛ فإن الوكالة محكومة بسياسات هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية واللاجئين، وهي تخضع لرقابة صارمة من قبل اللوبي الصهيوني في أمريكا وأوروبا، وبشكل مباشر من دولة الكيان الصهيوني التي تثير حولها الشكوك وتوجه لها الاتهامات من أجل تنفيذ أجندات الإنشاء والتأسيس، وهي أن تجعل من مجتمع اللاجئين مجتمعاً بعيداً عن السياسة والروح الوطنية، وأن يتم تأهيلهم وتوطينهم حيث يقيمون، وتسعى الصهيونية الآن لإلغاء مسمى وكالة الغوث واللاجئ والمخيم، وتحويل الوكالة إلى هيئة إغاثة لا تشير من قريب ولا من بعيد لقضية اللاجئين، كما يتم تقديم المساعدات السخية من الدول المانحة وبتوجيه صهيوني لإعادة تأهيل المخيمات على طريق إلغاء صفتها التي حملتها طوال الستين سنة من اللجوء، عدا عن فتح أبواب هذه الدول لاستقبال اللاجئين الراغبين في الحصول على جنسية هذه الدول، وخاصة من لبنان والضفة الغربية، لأنهما المكانات الذين يسببان الإزعاج المستمر للكيان الصهيوني في البعد السكاني والسياسي، ولعل الفشل الذي منيت به سياسة هذه الدول تجاه مجتمع اللاجئين هو الذي جعل الوكالة في هذه الحالة المزرية من الإدارة المترهلة وغياب الشفافية ورغم محاولاتها الكثيرة لتغيير هذه الصورة إلا أنها لغاية هذه اللحظة لم تستطع أن تفعل ذلك.
لقد انعكس عدم الرضا من قبل الدول المانحة على وضع الوكالة المالي والإداري، وجعلها في مواجهة دائمة مع مجتمع اللاجئين الذي يعاني من تقليص الخدمات المنهجي الذي تقوم به الوكالة على مدار عشرات السنين، كما جعلها في مواجهة أخرى مع الموظفين الذين يطالبون بحقوقهم كسائر المستخدمين في العالم مع رب عمل لا يملك زمام أمره ولا قراره، فالقرارات كلها محكومة بمواقف المانحين، وهؤلاء لهم حسابات سياسية لا علاقة لها بالإدارة ولا البعد الإنساني.
إن أبرز مظاهر تحكم المانحين في الوكالة يظهر في عدم قدرة إدارة الوكالة أن تضع نظاماً واضحاً للرواتب، يخضع لمعايير معتبرة دولياً كسائر منظمات الأمم المتحدة (عدا الموظفين الدوليين فهم غير خاضعين لإدارة الوكالة) ولذلك فهم لا يلتزمون كإدارة بأي نظام معتمد أو أسس ثابتة كما أنهم ولفترة طويلة ظلوا يغيرون موقع مدير الموارد البشرية بسبب عدم قدرته على الاستمرار في سياسة المماطلة والدوران التي تمارسها الوكالة ولأنه في مواجهة مباشرة مع ممثلي العاملين، وفي كل مرة يأتون بمدير جديد ليبدأ مع العاملين من جديد، وتدور الثيران في الساقية إلى ما لا نهاية. وكالة الغوث الدولية أصبحت جزءاً من معاناة اللاجئين الفلسطينيين بدلاً من أن تكون بلسماً يداوي جراحهم. وللحديث عن معاناة اللاجئين صلة وبقية، ستأتي لاحقاً.
24/04/2012 20:34:52