adnan a.m 2
عدد الرسائل : 11 نقاط : 0 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 20/11/2008
| موضوع: تجارة العملات بنظام الهامش: نظرة تقديرية إسلامية (1) الخميس نوفمبر 20, 2008 4:37 am | |
| تجارة العملات بنظام الهامش: نظرة تقديرية إسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،،، إن تقدير تجارة العملات بنظام الهامش، يقتضي الحديث أولا في موضوع الاتّجار بالعملات مطلقا، ثم الحديث عن تطبيقات نظام الهامش في هذه التجارة ثانيا، وأخيراً بيان الحكم التقديري على ضوء ما تقدم، وإليك التفصيل:
تجارة العملات الأجنبية:
الاتّجار بالعملات الأجنبية يعني اتخاذ هذه العملات محلاً للاتّجار مثل بقية العروض والسلع، وتقليدياً فإن العقد الذي يحكم هذه التجارة يسمى صرفاً Exchange، والصرف شرعاً هو: بيع عوضاه من جنس الأثمان (النقود)، وقد ضبطت السنّة الشريفة الصحيحة هذا العقد بشرطين:
الأول: التماثل قدراً عند اتحاد الجنس أي جنس النقد محل المبادلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "... مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض...".
الثاني: التقابض فوراً لكلا البدلين بلا فاصل زمني لقوله صلى الله عليه وسلم: " ولا تبيعوا غائباً منها بناجز"، وفي حديث آخر: "... يدا بيد"، وفي آخر: "هاء وهاء ..."، ويسري هذا الشرط عند اتحاد الجنس وعند اختلافه.
وتعلية على ما تقدم لا يجوز في الصرف خيار ولا أجل، ومنه نفهم أن أحكام الصرف قيّدت هذه المعاملة ولم تجز لها إلا احتمالاً واحداً من أربعة احتمالات ممكنة؛ فالمتصور عقلا أن تتم:
1- مبادلة عملة حاضرة بعملة أخرى حاضرة.
2- مبادلة عملة حاضرة بعملة مؤجلة.
3- مبادلة عملة مؤجلة بعملة حاضرة.
4- مبادلة عملة مؤجلة بعملة مؤجلة.
ولا يصح شرعاً من هذه الاحتمالات إلا الاحتمال الأول.
وبقي أن نشير هنا أن الفقهاء قد أدركوا خصوصية هذا العقد وخصوصية محله: الأثمان (النقود)؛ فالنقود عندهم أداة للتبادل: (صاع لكيل القيم) وليست موضوعاً له في الأصل، وإنما جازت مصارفتها لضرورة إتمام البيع المطلق ومقاصده من حيث تسهيل تملك الأعيان والمنافع وتمليكها؛ فهذه الأعيان والمنافع هي التي تشبع الحاجات وهي المقصودة من التبايع، وهذه المقصودات يتوسل إليها بالنقود، وبالتالي فلا ينبغي أن تنزل الوسيلة (النقود) منزلة الغاية والمقصود، وقد تعاضدت آراء الفقهاء مؤكدة هذه النظرة الأداتية تجاه النقود، يقول ابن رشد، في بداية المجتهد، ج1، ص231: "المقصود منهما (الذهب والفضة) أولاً المعاملة لا الانتفاع"، بخلاف العروض التي يقصد منها الانتفاع أولاً لا المعاملة.
وجاء في حاشية ابن عابدين، ج4، ص 501: "الثمن غير مقصود بل وسيلة إلى المقصود، إذ الانتفاع بالأعيان (السلع) لا بالأثمان... فبهذا صار الثمن بمنزلة آلات الصناع".
ويؤكد ابن تيمية في مجموع الفتاوى، م19، ص251، ذات المعنى ناعتا النقود بـالوسيلة المحضة: "... هي وسيلة إلى التعامل بها، ولهذا كانت أثمانًا".
وبناء على ما تقدم من أحكام وفهم لطبيعة النقود، كان الصرف عقد تكميلي وتبعي؛ فالتجارة عموما والتجارة الخارجية خاصة تستلزم الصرف، والسفر إلى بلد أجنبي له نقد مغاير يستلزم الصرف لذا كان الصرف مقيداً ومرصدا لهذا الغرض وليس منشطا أصليا. ولأجل ما تقدم، نجد أبن القيم يحذّر من اتخاذ النقود متّجراً لما يقود إليه ذلك من الفساد والخلف والتظالم؛ فيبين أن الثمنية، وهي معنى معقول مختص بالنقود، تستلزم صيانتها عن أن تتخذ متّجرا، يقول في: إعلام الموقعين، ج2، ص 156:
"... فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات، والثمن (النقد) هو المعيار الذي به يُعْرَف تقويم الأموال، فيجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض؛ إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسِّلَع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات، بل الجميع سِلَعٌ، وحاجة الناس إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة، وذلك لا يمكن إلا بسعر تعرف به القيمة، وذلك لا يكون إلا بثمن تُقَوَّم به الأشياء، ويستمر على حالة واحدة، ولا يقومُ هو بغيره؛ إذ يصير سلعة يرتفع وينخفض، فتفسد معاملات الناس، ويقع الخلف، ويشتد الضرر، كما رأيت من فساد معاملاتهم والضرر اللاحق بهم حين اتخذت الفلوس سلعة تعد للربح فعم الضرر وحصل الظلم، ولو جعلت ثمناً واحداً لا يزداد ولا ينقص بل تُقَوَّم به الأشياء ولا تقوم هي بغيرها لصلح أمْرُ الناس...؛ فالأثمان لا تقص لأعيانها، بل يقصد التوصل بها إلى السلع، فإذا صارت في أنفسها سلعاً تقصد لأعيانها فسد أمر الناس، وهذا معنى معقول يختص بالنقود...".
وما قرره ابن القيم أكده الغزالي أيضا، جاء في الإحياء، ج، باب الشكر، في سياق تمييز ما يحبه الله عما يكرهه: " ... فإذا اتّجر في عينهما فقد اتخذهما مقصوداً على خلاف وضع الحكمة، إذ طلب النقد لغير ما وضع له ظلم ... فأما من معه نقد فلو جاز له أن يبيعه بالنقد فيتخذ التعامل على النقد غاية عمله فيبقى النقد مقيداً عنده وينزل منزلة المكنوز، وتقييد الحاكم والبريد الموصل إلى الغير ظلم، كما أن حبسه ظلم، فلا معنى لبيع النقد بالنقد إلا اتخاذ النقد مقصوداً للادخار وهو ظلم"، وإذا فالمعقول والمنطوق من كل ما تقدم أن:
" لا لتسليع النقود"!!!.
وهذا هو الاختيار الذي يتوافق مع مباني التشريع الإسلامي الذي يميز بين صنوف المال المختلفة، ويخص كل منها بأحكام تتناسب مع مقاصد الانتفاع منها. وأعتقد أن هذا الفهم يكفي بمفرده لبيان الموقف من الاتجّار بالعملات على ضوء مقاصد الشريعة، ولكن سيلي للمسألة مزيد بيان.
يتبع في المقالة التالية
| |
|
adnan a.m 2
عدد الرسائل : 11 نقاط : 0 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 20/11/2008
| موضوع: تجارة العملات بنظام الهامش: نظرة تقديرية إسلامية (2) الخميس نوفمبر 20, 2008 4:40 am | |
| المتاجرة بنظام الهامش:
ملاحظة: يمثل كتاب الفوركس للمبتدأين المصدر الرئيس لما يرد في هذه الفقرات، وهو كتاب الكتروني تعليمي يعّرف بهذه التجارة ويدعو لها يمكن للباحث أن يجده على هذا الموقع: fx4beginners.com ومواقع أخرى كثيرة على شبكة الانترنت.
يقوم هذا النظام في جوهره على تمكين المتاجر: المضارب Speculator الذي لا يملك رأس المال الكافي، من المتاجرة برأس مال يفوق الهامش الذي يملكه أضعافاً مضاعفة، هذا من جهة التمويل. كما يقوم على أساس تحميل المتاجر مسؤولية محدودة في هذه التجارة؛ فخسارته لا تتجاوز الهامش الذي دخل به في التجارة، بل لا تتجاوز نسبة معينة من هذا الهامش، فنحن نتحدث إذا عن خسارة هامش الهامش!!. أما في حال الربح فالمتاجر يستأثر بالربح كاملاً بعد دفع العمولات وأعباء التمويل الأخرى، وفي هذه الناحية فهذا النظام يشبه (اليانصيب) فمن يشتري الورقة يتأهل نظرياً للحصول على أرباح كبيرة مقابل استعداده لتحمل خسارة لا تتجاوز قيمة الورقة التي اشتراها، هذه قواعد تجارة الهامش التي توافقت عليها شركات الوساطة وصانعو السوق وهم مؤسسات عملاقة تستوفي التحضيرات المؤسسية التي تمكّن من إنجاز هذه المتاجرة، وذلك بطرح العملات محل الاتجار وجعل تعامل المتاجرين بها ممكناً فنيا وقانونياً، وهذه الجهات ولا شك متعدية للجنسية ومتعدية للسيادة أيضاً!!. يتبع
تصوير المعاملة:
يملك المتاجر: المصارف: المضارب ثلاثة آلاف من الدولارات فقط، بينما يكون الحد الأدنى لرأس المال الذي يمكن أن يشارك بهذه المتاجرة مائة ألف دولارا، وهي قيمة العقد الاعتيادي، وهذا يعني أنه لن يستطيع برأس ماله أن يشتري العقد النمطي (Lot)، وعندئذ فسيلجأ إلى ممول (بنك أو شركة وساطة) ليقدم له التمويل الكافي لهذه المعاملة، ويلزم عندئذ أن يفتح حساباً لدى شركة الوساطة: الممول الضامن، ويودع فيه المبلغ: ثلاثة آلاف دولار، وهو أصل الهامش الكلي.
إن الممول: شركة الوساطة، سوف تقسم الرصيد (الهامش) بحسب اعتبارات تقدرها هي إلى قسمين:
أ- هامش مستخدم Used Margin
ب- هامش متاح Usable Margin
وليكن الأول ألف دولار والثاني ألفان، إن الهامش المستخدم (الألف) هو رأس المال الذي سوف تضاعفهُ الشركة لتصل به إلى مائة ألف مثلاً. أما الهامش المتاح (الألفين) فإنه الحد الأقصى لما يتحمله المتاجر من الخسارة في حال حدوثها، وهو بمثابة ضمانة لشركة الوساطة تدرأ بها وصول الخسارة إلى أصل المبلغ الذي تقدمه للمتاجر.
إن المتاجر الذي لديه هامش مستخدم مقداره ألف دولار سوف يكون بإمكانه المتاجرة (شراء عملة أخرى) بقيمة مائة ألف ( على فرض أن الرافعة المالية 1:100 أي نسبة المضاعفة التي تقدمها الشركة لكل دينار في الهامش المستخدم)، وسوف تيّسر له الشركة استخدام مرافقها: أمر الدخول إلى السوق وإصدار أمر الشراء عبر الإنترنت ثم بيع الصفقة عند ارتفاع السعر.
وفي حال الربح فسيحتفظ المتاجر بالهامش المتاح والهامش المستخدم وسيضيف إليهما الأرباح التي حصل عليها بعد خصم أعباء التمويل والخدمة. وعند معاودة الاتجّار يخضع هذا الرصيد للمبدأ والآلية ذاتها.
أما إذا انخفض سعر العملة المشتراة فيعني هذا أن المتاجر سوف يخسر، لكن خسارته لن تتجاوز في حدها الأقصى الرصيد المتاح (الألفين) ولا تتعداهما، فشركة الوساطة تمنع هذه الخسارة: تمنع وقوعها لأنها ستدعو المتاجر إلى بيع الصفقة قبل تجاوز خسارته الهامش المتاح، وإلا فسوف تتدخل وتبيع الصفقة جبراً عليه، ونظام الهامش يمكِّن شركة الوساطة من ذلك؛ فالمبيع الذي اشتراه المتاجر(العملة الأجنبية)، والذي لم يدفع من قيمته سوى عربون بسيط 1% من قيمته هو ملك الشركة حقيقة، وفي أبعد التكييفات النظرية هو ملك المتاجر لكنه مرهون لدى الشركة لقاء التمويل المقدم من قبلها.
بقي أن نشير إلى أن المتاجر في الأصل قد لا يملك حتى الهامش الابتدائي (الآلاف الثلاثة)، وعندئذ فسوف يلجأ إلى المسترسلين الذين تستهويهم أرباح هذه التجارة أو أخبار أرباحها، للحصول على التمويل، باعتباره مضاربا (عامل مضاربة يتاجر بأموالهم).
وحتى يكون فهمنا صحيحاً لسلوك المشاركين في هذه التجارة، ينبغي أن نتعرف على الحوافز التي تسيّرهم، وإذا كان حافز الممول المسترسل وحافز المضارب المتاجر وحافز صانع السوق في الحصول على الربح واضحا ومفهوما، فما هو حافز شركة الوساطة مقابل التمويل الضخم الذي تقدمه (أو تضمنه) للمتاجر؟؟.
ولم لا تتاجر هي بهذه الأموال وتجني الإرباح لنفسها؟؟!!.
لم لا تضع هذه الأموال في المصارف وتحّصل فائدتها؟؟!!
لم تؤثر المتاجر بأرباح هذه التجارة؟؟!!.
إن مكاسب شركات الوساطة المدركة عقلا يمكن أن تتأتى من الوجوه التالية:
1- فائدة القرض الربوي المحاسبي المقدم للمتاجر في الأصل، ويشير الكتاب التعليمي للفوركس، أن شركات الوساطة لا تأخذ فائدة إذا أنهى المتاجر صفقتيه (الشراء والبيع) في اليوم نفسه، وهو أمر مشكل؛ فلم تقدم شركة الوساطة قرضا مجانيا؟ وإن كان ذلك ممكنا إذا كانت هي المالكة للتمويل فكيف إذا حصلت عليه من المصرف؛ فهل يقدم المصرف التجاري تمويلا بلا فائدة؟!، والمنطق يقضي بأحد أمرين: إما أن تكون هناك فائدة سواء أكانت هذه الفائدة ظاهرة أم ضمنية، أو أن القرض في الأصل هو قرض وهمي محاسبي فقط.
2- فائدة التبييت أي إرجاء السداد لليلة واحدة، ولا أدري لم وجبت هذه وعفي عن تلك، علما أن الكتاب سابق الذكر يشير إلى أن بعض شركات الوساطة تسامح عملائها المسلمين من فائدة التبييت أيضا وتكتفي منهم بالعمولات؛ بل وتطور الأمر إلى استحداث الحساب الإسلامي للمتاجرة بنظام الهامش!!.
3- عمولة تتقاضاها من المتاجر مقابل التسهيلات المرفقية المقدمة من قبلها، فهي التي تفعّل أهلية المتاجر للتعامل في السوق وتجعل ذلك ممكن فنيا وقانونيا.
4- عمولة يمكن أن تتقاضاها من صانع السوق، ومع إن دليل الفوركس التعليمي يصف سوق العملات بالسوق التامة؛ فلا شك أن هناك توافقا في المصالح بين شركات الوساطة والجهات التي تصنع السوق، ولا يستبعد أن يكون لشركات الوساطة عمولة على الصفقات التي تعقد من خلالها، هذا إن لم تكن هي مشاركة في صناعة السوق.
5- أرباح تجارة الصرف بينها وبين العملاء؛ فحينما تذهب بدنانيرك إلى الشركة فسوف تصرفها لك: تحولها إلى دولارات وهي لا شك تكسب من تعاملها مع العملاء كما تفعل أي وكالة صرافة أخرى؛ فإذا عرفنا انك تقلب نقود المتاجرة باستمرار فها يعني مزيدا من المكاسب لشركة الوساطة لأنها لا تحتسب عمولة صرف الهامش المستخدم في صفقتك فقط، إنما تحتسب عمولة صرف المبلغ الكلي الذي يزيد عن هامشك مائة مرة أو يزيد.
| |
|