17 / 9 / 2010 الجمعة
البوصلة ـ اكدت وكالة الغوث الدولية ان دولاً عربية توقفت عن الوفاء بالتزاماتها ،الامر الذي قالت انه سيضطرها الى وقف خدماتها في كافة مناطق رعاية اللاجئين الفلسطينيين مطلع تشرين اول المقبل في حال استمرار تفاقم أزمتها المالية .
وأعلن فيلبو غراندي مفوض عام وكالة "أونروا" خلال زيارته قطاع غزة أنها تعاني من عجز مالي عام يصل إلى 150 مليون دولار أمريكي وهي بحاجة ماسة لمبلغ 90 مليون دولار حتى نهاية أيلول حتى لا توقف خدماتها للاجئين الفلسطينيين.
وحذر المنسق العام لمؤتمر حق العودة رئيس هيئة أرض فلسطين الدكتور سلمان أبو ستة من خطورة الاجراءات العملية الهادفة الى تصفية وكالة غوث اللاجئين الفلسطينين "الأنروا" بهدف الغاء حق العودة وتوطين اللاجئين.
واشار في تصريح لـ"البوصلة" اليوم الى خطوات عملية يجري تنفيذها بهدف شطب كل ما يوحي بقضية عودة الفلسطينين إلى أرضهم, لترسيخ مبدأ التوطين كواقع.
الناشط الفلسطيني في قضايا اللاجئين ياسر البدرساوي يرى أن أزمة أونروا هي سياسية وليست اقتصادية "باعتبار أن ما يدفع لها من أموال لأغراض سياسية ترتبط أساسا بمشاريع تصفية القضية الفلسطينية".
ويقول إن هنالك محاولات مستمرة منذ سنوات طويلة لتصفية القضية الفلسطينية التي تعد قضية اللاجئين محورها الرئيسي "وبالتالي إنهاء عمل أونروا وتعقيد حياة اللاجئين يرمى للقبول بالأمر الواقع والاستسلام لمشاريع التوطن أو التعويض".
وكانت دراسة أميركية قد أوصت خطوات عملية تدريجية لتصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "اونروا"، داعية الى تحويل نشاطها ومهامها الى اللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة لمنظمة الامم المتحدة
وترى الدراسة التي تأتي -وفق محللين- في سياق جهود التوطين ان هذه الاليات التدريجية تتمثل في تقليص مسؤولية الوكالة عن المواطنين الفلسطينيين من خلال تسليم مهمة الاهتمام بشؤون اللاجئين للدول المضيفة، وتكليف منظمة الامم المتحدة بتقديم خدمات التعليم والصحة لهؤلاء اللاجئين، على ان تكون الاردن هي الساحة الاولى لتنفيذ هذه الالية، لاسيما وان اعلب اللاجئين الفلسطينيين فيها باتوا من المواطنين.
ابو ستة اكد بان هذه الاجراءات تأتي في سياق محو الذاكرة الفلسطينية بعدما اخذت اسرائيل الارض وطمست التاريخ وشطبت القانون الدولي.
من جانبه لفت رئيس لجنة معلمي وكالة الغوث الدولية السابق كاظم عايش ان هنالك تصفية ممنهجة لخدمات الوكالة تتمثل في إلغاء ثلاث حقائق مهمة وهي"لاجئ ومخيم وحق العودة", واضاف ان هنالك جهودا لتقليص خدمات "الانروا" من خلال تقليل عدد المدارس وفرض رسوم على الطلبة وسحب بعض الامتيازات الصحية من غالبية المستفيدين وتمويل اسكان اللاجئين خارج المخيمات.
ويستهجن عايش لجوء الوكالة لمؤسسات المجتمع المدني مؤخرا لتغطية عجزها من خلال التبرعات عوضاً التمويل الاممي.
ومن أصل 7ر4 مليون لاجئ فلسطيني مسجلون لدى الأونروا فإن ما يقارب من ثلث عددهم (3ر1 مليون) يعيشون في 58 مخيما رسميا في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة تتكفل برعايتهم الوكالة الدولية.
وتعتبر المخيمات من ضمن البيئات الحضرية الأكثر كثافة في العالم لكن أشدها فقرا واعتمادا على أونروا هي مخيمات قطاع غزة الذي يعاني سكانه معدلات قياسية من الفقر والبطالة جراء الحصار الإسرائيلي منذ ثلاثة أعوام.
ويطالب الفلسطينيون الذين أحيوا الذكرى 62 لنكبتهم بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 149 لعام 1948 القاضي بعودة اللاجئين إلي ديارهم التي هجروا منها ودفع تعويضات مالية لهم الأمر الذي ما زالت إسرائيل ترفضه وتتجاهله.
وتعتبر قضية اللاجئين وحق العودة أهم القضايا الشائكة في ملفات المفاوضات والوضع النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين لا زال الأمل بالتوصل لاتفاق حل ينهي الصراع التاريخي بينهم بعيد المنال.
وتقول الدراسة التي انتهت في أيار عام 2009 "بات من الضروري ان تتوسع الوكالة في منح وتمويل مشروعات الاسكان للاجئين الفلسطينيين، وفي هذا الاطار، يجب على الولايات المتحدة ان تدعم وتموّل المشروعات التي توفر المساكن للاجئين الفلسطينيين خارج مخيماتهم، بهدف التشجيع على إعادة التوطين في المجتمعات المضيفة."
وركزت الدراسة على ان سياسات الوكالة تتعارض مع مصالح مموليها. وبحسب الدراسة، الاونروا لا تسعى لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بشكل مؤقت ومحاولة توطينهم ، بل هناك بالمقابل إصرار على حل سياسي دائم قائم على عودة اللاجئين الى أراضيهم، وذلك من خلال تحذير الوكالة للفلسطينيين اللاجئين من تغيير بعض اوضاعهم حتى لا يفقدوا صفات اللاجئين، وبالتالي لا يستطيعون العودة الى فلسطين اذا ما تم التوصل الى حل لقضيتهم العالقة.
وتقول الدراسة أن الاونروا تحولت من تنفيذ اهداف انسانية الى تحقيق اهداف سياسية للعالم العربي، من خلال ابقائها على حالة الفوضى التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في الضفة الغربية، قطاع غزة، ولبنان، وذلك في محاولة لاعادتهم الى اراضيهم الفلسطينية - وهو عمل تراه الدراسة امرا مرفوضًا ويتعارض مع مصالح الولايات المتحدة التي تموّل الاونروا.
وذهبت الدراسة الى انتقاد سياسة الاونروا التي لم تعمل على دمج اللاجئين في المجتمعات العربية، معتبرة ان الولايات المتحدة عليها ربط زيادة تمويل الوكالة وبقائه بتغيير السياسات المعتمدة من قبل الاونروا.
يشار الى ان نقل اللاجئين الفلسطينيين من الاونروا الى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، له تأثير كبير على قضية اللاجئين وذلك بحسب ما تنص عليه مهمات كل منظمة وفقاً لقرارات الامم المتحدة، فالجمعية العمومية للأمم المتحدة اسست في كانون الأول من عام 1949 وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) بهدف تقديم الإغاثة الإنسانية الى اللاجئين الفلسطينيين،بينما حُدِّد تكليف وكالة الأونروا بتنفيذ ”برامج الإغاثة والتشغيل“ لدعم لاجئي فلسطين، أي اللاجئين من الأراضي التي كانت تحت الانتداب البريطاني في فلسطين بغض النظر عن جنسياتهم. وتطورت عمليات وكالة الأونروا عبر الوقت لتلبي الحاجات المتغيرة على اختلاف الظروف، أي لتلبي خدمات الإغاثة الإنسانية وخدمات التنمية البشرية على حد سواء في منطقة عملياتها التي تشمل الأردن ولبنان والجمهورية العربية السورية والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن ناحية أخرى، لا يضم تكليف وكالة الأونروا مهمة إيجاد حل شامل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني وقضية لاجئي فلسطين، وإنما يعتبر القيام بهذه المهمة مسؤولية الأطراف المتنازعة وغيرها من الجهات الفاعلة السياسية. يكمن دور وكالة الأونروا في تناول الحاجات الإنسانية ومتطلبات التنمية البشرية للاجئين الفلسطينيين في الفترة المؤقتة فحسب.
يبنما يقوم مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بحسب تكليفه العالمي بتقديم الحماية والمساعدة إلى اللاجئين والبحث عن حلول مستدامة لمعاناتهم، وبحسب ما جاء في تقرير الامم المتحدة: " يعمل مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على إيجاد طرق لمساعدة اللاجئين في إعادة بدء حياتهم في بيئة طبيعية، وهو يحاول أن يجد حلولاً طويلة الأمد أو مستدامة من خلال مساعدة اللاجئين في العودة الطوعية إلى أوطانهم وإعادة الاندماج فيها بشكل آمن وبكرامة،والاندماج في البلدان التي لجؤوا إليها؛ أو إعادة التوطين في بلد ثالث.
وبشكل عام، لا يمنع الخياران الأخيران اللاجئين من العودة إلى بلدانهم الأصلية إذا كانوا يرغبون بذلك وفي حال سمحت الظروف".