فتوى شرعية فيما يأخذه موظف وكالة الغوث الدولية في نهاية خدمته .

وردتني الرسالة التالية من رئيس اتحاد المعلمين في وكالة الغوث ؟


• السؤال الكامل:
وردتني الرسالة التالية من رئيس اتحاد المعلمين في وكالة الغوث .

نحن موظفي وكالة الغوث الدولية / الأردن , والبالغ عددنا نحو ( 6500) موظف , نتقدم الى فضيلتكم بهذه العريضة بحكم الشرع الحنيف في الأموال الناتجة عن ارباح صندوق التوفير التي تلزمنا ادارة الوكالة الاشتراك فيه , ولا راي لنا في كيفة التشغيل واستثمار امواله , حيث نضع بين ايديكم المعلومات التالية حول الصندوق :

1- يهدف نظام التوفير في وكالة الغوث الى تزويد الموظفين بضمان اجتماعي عند احالتهم للتقاعد بعد سن معين , حيث يعتبر بديلا لمعاش التقاعد .
2- يتكون هذا الضمان الاجتماعي من المصادر التالية :

أ‌- اسهامات الموظفين : يسهم الموظف يما قيمته 7.5% من راتبه شهريا .
ب‌- اسهامات الوكالة : تسهم الوكالة بما قيمته 15% من قيمة راتب الموظف شهريا
ت‌- العوائد الناتجة عن الاستثمار والمفصلة في البند رقم ( 3) تاليا .

3- العوائد الناتجة عن الاستثمار وهي على النحو التالي :

أ‌- السندات وتشكل 90% من قيمة موجودات الصندوق وتنتج عوائدها كما يلي :

1- العوائد المقررة للسندات والتي تعطى للسند سنويا من الجهة المصدرة للسند وهذه القيمة تابتة .
2- الفروق في اسعار السندات بين قيمتها عند الشراء وقيمتها عند بيعها في السوق , وهذه قيمة متغيرة قد تكون موجبة وقد تكون سالبة , حسب سعر السوق .
3- فرق الاسعار في العملات التي تشتري بها السندات بالنسبة للدولار الامريكي , فلو افترضنا اننا اشترينا سندات اردنية بقيمة ( 700 ) دينار اردني ودفعنا مقابل ذلك قيمة الف دولار امريكي , ثم بعد ذلك ارتفعت قيمة الدينار الاردني فاصبحت ال (700) دينار اردني تساوي الف ومائة دولار امريكي فان الربح يسجل بقيمة ( 100) دولار وهكذا , والقيمة هنا بالنسبة للعوائد قد تكون سالبة أو موجبة .

ب‌- الاسهم : وتشكل 10% من قيمة موجودات الصندوق , وتنتج عوائدها عن الفروق باسعار الاسهم بين قيمتها عند الشراء وقيمتها عند البيع , وهذه القيمة متغيرة قد تكون سالبة أو موجبة حسب سعر السوق .
ت‌- النقد : وهذه القيمة متغيرة وليست محددة , حيث أن الأموال المهياة لشراء السندات أو الاسهم توضع في البنوك الى أن يتم شراء سندات أو اسهم بها , وتحصل على فائدة بنكية عن مدة بقائها في البنك حسب سعر الفائدة في تلك المدة .

وهكذا تكون النتيجة العامة للعوائد هي محصلة كل ما سبق .

4- ملاحظات عامة :

1- استثمار الأموال جاء بقرار من المفوض العام وليس لاحد سلطة عليه , وهو ملزم لجميع الموظفين وليس من صلاحية أي جهة تمثل الموظفين ايقاف عملية الاستثمار أو تغير شكلها .
2- يستعين المفوض العام لوكالة الغوث بهيئات استشارية فيها ممثلون عن الموظفين ولكن توصياتها غير ملزمة لهم .
3- سبق للصندوق أن حقق خسارة في مجمل العوائد التي حصل عليها .
4- الموظفون لا يستطيعون الحصول على اموالهم المودعة في الصندوق أو على جزء منها إلا بعد انتهاء خدماتهم في وكالة الغوث , على انهم يمكنهم الحصول على قرض عادي يجري تسديده من رواتبهم في اقساط شهرية
5- يحق لمن يرغب من الموظفين ابقاء امواله في الصندوق بعد انتهاء مدة عمله في الوكالة لمدة عشر سنوات .
6- يرفض المفوض العام باستمرار أي مطلب من جانب الموظفين من شانه أن يوثر على قيمة المبلغ المتوقع تسليمه للموظف كضمان اجتماعي بعد انتهاء خدماته , ويعتبر نفسه وصيا على الصندوق بمعنى انه ملتزم بنظام التوفير والاستثمار لتوفير مبلغ ضمان اجتماعي المطلوب .
7- لا يستطيع أي موظف ضمان حقه للموال المودعة في الصندوق كاملة , ذلك انه في حالة قيامه بسلوك سيء يعاقب عليه بالطرد فانه يفقد قيمة ال 15% التي تسهم بها الوكالة وعوائدها التي تجمعت طيلة مدة عمل الموظف في الوكالة والتي تشكل جزءا من موجودات الصندوق .

في الحالة المذكورة فان الموظف يحصل فقط على ال 7.5% التي اسهما فيها مضافا اليها العوائد المتراكمة والتي تشكل كذلك جزءا من موجودات الصندوق .

هذا هو واقع الصندوق علما بان الصندوق قد حقق ارباحا في عام ( 93) 12% , وسنة ( 94) حقق خسارة 1.5% , وكانت نتيجة اعمال الاشهر الستة ( 95) ربح بنسبة 7.5% علما بان موجودات الصندوق تزيد ( 320) مليون دولار امريكي

رئيس اتحاد العاملين في وكالة الغوث
محمد محيسن




• الإجابة:
فتوى شرعية فيما يأخذه موظف وكالة الغوث الدولية في نهاية خدمته .
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , ولم تجد له من دون الله وليا مرشدا , ونستفتح بالذي هو خير, قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [ البقرة :278] .

ثم أما بعد :

فان المعلومات المقدمة من الاخ السائل تفيد أن الموظف في وكالة الغوث الدولية يعطى في نهاية خدمته مبلغا من المال من صندوق يسمى صندوق التوفير , وتتكون مصادر تمويله – كما ذكر السائل – من المصادر التالية :

أولا : اسهامات الموظفين : يسهم الموظف بقيمة 7.5% من راتبه الشهري .

ثانيا : اسهامات الوكالة : تسهم الوكالة بقيمة 15% من قيمة راتب الموظف الشهري .

ثالثا : العوائد الناتجة عن الامور التالية:

أ‌- السندات وتشكل 90% من قيمة موجودات الصندوق وتنتج عوائدها كما يلي :

4- العوائد المقررة للسندات والتي تعطى للسند سنويا من الجهة المصدرة للسند وهذه القيمة تابتة .
5- الفروق في اسعار السندات بين قيمتها عند الشراء وقيمتها عند بيعها في السوق , وهذه قيمة متغيرة قد تكون موجبة وقد تكون سالبة , حسب سعر السوق .
فرق الاسعار في العملات التي تشتري بها السندات بالنسبة للدولار.

ب‌- الاسهم : الفروق بين قيمتها عند الشراء وعند البيع .
ت‌- الفوائد البنكية المهيئة لشراء السندات أو الاسهم الى أن يتم شراء السندات أو الاسهم بها وتحصل على فائدة بنكية عن مدة بقائها في البنك حسب سعر الفائدة في تلك المدة .

وبناء على هذه المعلومات فان ما يصرف الى موظف وكالة الغوث يتكون من المصادر المذكورة اعلاه وفروعها وهي : أولا , ثانيا , ثالثا , بفروعها أ , ب, ج , ومن بنود أ وهي ثلاثة بنود كما ذكرنا سابقا .

ملحوظة : ينبغي توضيح حقيقة السندات فنقول مفردها سند , والسند عقد بين يترتب عليه ربا بين طرفين , الطرف الاول هو مصدر السند وهو المدين سواء كان حكومة ممثلة بالبنك المركزي أو غيرها , والطرف الثاني الذي يشتري هذا السند فيدفع للجهة المصدرة للسند مبلغا من المال وهو قيمة السند , والسند ورقة تشهد له بذلك , يلتزم المدين سواء كان حكومة أو غيرها لفع مبلغ محدود أو نسبة مئوية كل سنة مدة السند .

فعلى سبيل المثال لو اشترى جورج سند من البنك المركزي قيمته 100 دينار لمدة عشر سنوات, فان البنك المركزي يلتزم بدفع فائدة سنوية قيمتها 6% أو اقل أو اكثر طيلة مدة العشر السنوات للدائن جورج أو الملك لسند جورج , بالاضافة الى قيمة السند التي يملكها جورج التي ترتفع غالبا .

بعد التامل الدقيق للمعلومات الواردة وفحصها بنظر الشرع نقول وباله التوفيق :

أولا : أن مصادر المال الذي يعطى للموظف في أولا وثانيا أي ما يخصم من راتبه وما تسهم الوكالة به , فحلال لا شبه فيه وهو 22.5% من راتبه طيلة مدة خدمته إذ يؤخذ من راتبه 7.5% ويضم اليه 15% فيكون المجموع 22.5% .

ثانيا : أما المصدر الثالث فالحديث فيه يكون على النحو التالي :

أ‌- السندات :

1- أن السندات التي شرحناها سابقا هي عبارة عن عقود ربوية يعطي المدين الدائن وهو هنا مالك السند فائدة ربوية سنوية طيلة مدة الدين , وهذا كما ترى عقد باطل شرعا وحرام شرعا , لأنه عقد ربوي جاءت الشريعة بنصوص من القران الكريم والسنة النبوية وإجماع الأمة على حرمته.

فالسؤال عن الفوائد المقررة للسندات التي تعطى لمالك السند سنويا من جهة مصدر السند جوابه ما تقدم من حرمة ذلك لأنها ربا محض كما علمت من الشرح.

2- أما فروق السندات فقد تقرر أنها سندات ربوية وقيمتها تحدد بناء على تغير نسبة الربوية التي يدفعها المدين الى الدائن , أضف الى ذلك أنها عقود ربوية باطلة , والعقد باطل المحرم لا ينتج ثمار العقد الصحيح , بل ليس وسيلة للتملك المشروع .
3- وأما فروق الأسعار في العملات التي تشترى بها السندات بالنسبة للدولار فحرام, لان السندات عقود ربوية كما علمت من الشرح السابق , وهذه السندات تقوم على أساس ربوي والفوائد التي قد تزداد وقد تنقص حسب الأزمنة المتغيرة , والسندات عبارة عن ديون كما علمنا وهذه الديون تكون بالعملات , والعملات يتم فيها الصرف , والصرف ينبغي أن يحصل فيه التقابض ولا يجوز التاجيل .

والسندات ايضا عبارة عن ديون وهذه الديون لا يجوز بيعها كما هو معلوم .

ولهذا فهذه الفروق مبنية على أساس الربا سواء كان الربا يدخل في التقدير أو في الصرف فهي غير جائزة , ومبنية أيضا على عقود باطلة كما تبين لنا سابقا .

ب‌- أما الأسهم والفروق بين قيمتها عند الشراء وعند البيع , فينبغي التدقيق في نوعية هذه الأسهم والشركات أو المؤسسات التي تملكها وتبيعها , فان كانت هذه الأسهم لشركات لا تتعامل بالربا , ولا تخالف حكما من أحكام الشريعة في الإنتاج أو الصناعة فهذه أمور لا شيء فيها , أما إذا كانت هذه الأسهم في شركات ربوية كالبنوك أو غيرها من الشركات الربوية , أو كانت شركات تنتج أشياء محرمة كصناعة الخمر , وتعليب الخنزير وتسويقه , أو في مشاريع ترفيهية محرمة , أو غير ذلك مما لا تتحرى الحلال , فهذه الشركات المساهمة فيها حرام , ومن ثم فان شراء أسهمها وبيعها والفروق بين أسعار الشراء وأسعار البيع حرام كذلك .

وبما أن هذا الصندوق الذي يدفع للموظف في نهاية خدمته يهيمن على جميع تفرعاته , ووجوه تشغيله في الوجوه التي ذكرنا سابقا كافر لا يحل حلال , ولا يحرم حراما , وان المشاريع في بلاد الغرب التي لا تتوخى الحلال , بل الحرام أحب إليها من الحلال , فان هذا الجزء من هذه الشركات الربوية أو التي لا تتورع عن آكل الحرام والربا ,ففيه شبهة كبيرة تمنع التعاقد مع هذه الشركات , ونضيف الى هذا أن السائل أفاد أن هذا الرجل الكافر يستثمر الأموال في الصندوق بقرار منهم , وليس لأحد من المساهمين في الصندوق سلطة عليه , وهو ملزم لجميع الموظفين , وليس من صلاحية أي جهة تمثل الموظفين بإيقاف عملية تشغيل الأموال إذا رأت ذلك يخالف الشريعة الإسلامية ونضيف أيضا الى ذلك أن هذا المورد يشكل نسبة ضئيلة لا تكاد تذكر.

ث‌- وأما الفوائد البنكية التي يأخذها الصندوق على الأموال التي يضعها في بنوك ربوية وتشكل جزءا من المبلغ الذي يأخذه الموظف في نهاية خدمته , فهي ربا بصراحة , وهو حرام لما هو معلوم في الكتاب والسنة والاجماع .

مما تقدم نلخص الى القول :

بان المصدر الاول والمصدر الثاني وهما يشكلان 22.5% من الراتب الاساسي للموظف حلال لا شبهة في هذه النسبة .

أما البنود الاخرى فقد اتضح لنا أنها محرمة وباطلة ولا تجوز فهي ربا , وعليه فانه يحرم تملك الأموال التي تاتي عن هذه الطريقة , سواء كانت عن طريق السندات أو فروق اسعارها , أو الفوائد البنكية أو المساهمة بشركات لا تلتزم بالنظام الإسلامي للمعاملات .

لقد نصت الشريعة الإسلامية في مصادرها القران والسنة والاجماع على حرمة هذه الامور . قال سبحانه وتعالى : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَ} [ البقرة : 275] .

ولقد قرر الإسلام أن الربا طريق محرم لتنمية المال , فحرم كل زيادة ربوية فقال سبحانه :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ } [ البقرة : 278-279] .

وقد يتبادر الى ذهن المعلم أن ما ياتيه عن طريق الربا وغيره من الوسائل المحرمة مبلغ لا يستهان به , فليعلم أن الربا يمحق البركة وان تحري الكسب الحلال يبارك في المال , قال تعالى : { يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ } [ البقرة : 276] .

وهذا يتبغي أن يعلم أن الربا محرم , وتحريمه عام , والمرابا ممنوعة سواء كانت مع المسلمين أو غير المسلمين , ولهذا ابطل النبي صلى الله عليه وسلم كل ربا في الجاهلية , واول ربا في الجاهلية الغاه هو ربا عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقال : إلا وان كل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين , واول ربا اضع ربا العباس , وجاء في خطبته ( ولكن لكم رؤوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون , قضى الله أن لا ربا , وان ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله ) .

تامل يا اخي العبارة النبوية : قضى الله أن لا ربا , نفي لجنس الربا سواء بين المسلمين أو بين المسلمين وغيرهم , وسواء كان في بلاد المسلمين أو في بلاد الكفار , فانه لا يحل لمسلم أن يرابي في أي يرابي في أي بلد كان .

هذا ومن المعلوم أن ربا العباس كان في الجاهلية وعلى اناس من اهل الجاهلية , فلم يجز للعباس أن يأخذ الربا من عقد عقد قبل الإسلام , وقال صلى الله عليه وسلم( وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين ) .

فائدة مهمة :

اعلم اخي المسلم انه يجوز اخذ كل ما يصرفه الصندوق في أخر خدماتك , على انه يجب عليك أن تفصل ما بين ما يحل فتملكه , وقد فصلنا الحكم فيه , وبين ما يحرم عليك ,وقد فصلنا فيه , على انه ليس من حر مالك وكسبك فلا تبقه في الصندوق ولا يحل لك أن تتملكه , وانما انت مسلط عليه فضعه في مشاريع البر والخير ومساعدة الفقراء , واعلم انه ليس لك فيه اجر الصدقة , فان الصدقة تكون من حر مالك , وانما لك اجر ايصال هذا المبلغ الى المحتاجين .

اللهم فقهنا في ديننا , واغننا بحلالك عن حرامك , سوبطاعتك عن معصيتك ,وبفضلك عمن سواك ,وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .